انهيار الحضارة الأمريكية
انهيار الحضارة الأمريكية .. أصبح حقيقة علمية
في دراسة أمريكية جديدة كشف علماء NASA بعض أسرار انهيار الحضارات.. ومنها الحضارة الأمريكية.. دعونا نقرأ ما كشفه القرآن أيضاً ..
القانون الإلهي
القرآن الكريم هو مجموعة من القوانين التي أودعها الله في كتابه لتنظم حياة البشر وتصل بهم إلى السعادة في الدنيا والآخرة.. ولذلك كانت هذه القوانين قائمة على مجموعة من الأسس أهمها العدل.. وعندما ينتشر الظلم لابد أن يؤدي ذلك إلى انهيار الحضارة.
هذا القانون الإلهي لخصه لنا القرآن في كلمات رائعة يقول تعالى: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا) [الإسراء: 58].
فهذه الآية تؤكد أن كل الحضارات سوف يتم تدميرها أو تعذيبها يوماً ما… والقرية هنا لا تعني القرية الصغيرة بل تعني الدولة أو المملكة أو الكيان الواحد أو الأمة الواحدة.
وتأملوا معي عبارة (كان ذلك في الكتاب مسطورا) أي أن الله تعالى سطر هذا القانون في اللوح المحفوظ الذي لا يتبدل .. وبالتالي انهيار أي حضارة هو أمر مؤكد تثبته الأحداث التاريخية فلا نعرف حضارة استمرت لما لا نهاية… بل كل حضارة تنشأ وتنمو وتتطور ومن ثم تبدأ بالانهيار تدريجياً مهما كانت تتمتع بالقوة والعلم.
ولكن ما هو مقياس الانهيار، ومتى تنهار الحضارة وما هو السبب الرئيسي… إنه الظلم! هذا هو المقياس الذي نستطيع أن نتنبأ بواسطته بانهيار الحضارة، من خلال قياس مستوى الظلم فيها.. وربما رأينا في العصر الحديث دولاً تنهار بسبب الظلم الذي انتشر فيها بين الناس (ظلم الغني للفقير، وظلم القوي للضعيف…)..
والذي يؤكد لنا ذلك قول الله تعالى: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) [الكهف: 59]. تأملوا معي كيف ربط الله بين الهلاك والظلم.. بل حدد موعداً للهلاك، وفي هذا إشارة علمية إلى إمكانية التنبؤ بزوال حضارة ما أو دولة ما بشكل علمي ورقمي.
الدراسة العلمية
الحقيقة هذه الفكرة التي طرحها القرآن قبل أكثر من 1400 سنة التقطتها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (عن قصد أو غير قصد) وبنت عليها دراسة علمية جديدة ونشرت جريدة الغارديان theguardian ملخصاً عنها بتاريخ 14 مارس / آذار عام 2014.. وكان هدف الدراسة محاولة التنبؤ بنهاية الحضارة الأمريكية وأسباب هذا الانهيار المحتمل وإمكانية تلافيه.
هذه هي المرة الأولى التي تدعم فيها وكالة ناسا مثل هذا النوع من الدراسة حيث تمتزج قوانين الرياضيات مع تاريخ البشرية لاكتشاف سر انهيار الأمم.. والمفاجأة أن أمريكا سوف تنهار خلال العقود القادمة كما صرح عالم الرياضيات Safa Motesharrei من مركز US National Science Foundation-supported National Socio-Environmental Synthesis Center حيث يؤكد الباحث أن دورة انهيار الأمم تتكرر تماماً مثل دورة المناخ على الأرض ولا يمكن إيقافها!!
المذهل أن وكالة ناسا NASA المتخصصة بلعوم الفضاء هي من قامت بالدراسة واستخدمت لغة الأرقام كما قام فريق البحث (في مركز Nasa’s Goddard Space Flight Center) بصنع نماذج للأمم الهالكة مثل الحضارة الرومانية، وتبين أن انهيار الأمم هو أمر حتمي ينطبق على كافة الحضارات عبر التاريخ، تماماً مثل موت النجوم!
فجميع النجوم تنشأ وتتطور ومن ثم تنهار وتموت.. كذلك الحضارات تنشأ وتتطور ومن ثم تنهار وتموت… وكأن هناك تناغماً بين ما يجري في السماء وما يجري على الأرض. ويقول العلماء في هذه الدراسة:
لابد للحضارة الأمريكية أن تنهار خلال العقود القامة وذلك بسبب التوزيع غير العادل للثروة، وعدم كفاية الموارد الطبيعية، فقد دلت الدراسة الإحصائية أن جميع الحضارات تتعرض للظهور والانهيار الحاد وفق دورة منتظمة عبر آلاف السنين.
اعتمدت الدراسة نموذج هاندي ‘Human And Nature DYnamical’ model اختصاراً (HANDY) ، ولاحظت الدراسة أن جميع الحضارات السابقة مثل الحضارة الرومانية وحضارات كثيرة نشأت في العراق والشام واليونان والهند والصين… جميعها كانت تبدو مزدهرة جداً، ولكنها في الواقع كانت هشة وسقطت بسهولة وسرعة غير متوقعة.
إن التوزيع غير العادل للثروة بين أفراد المجتمع يؤدي لفارق كبير بين قلة من الأغنياء تتحكم في مصادر الثروات وبين عدد كبير من عامة الناس لا يكادون يملكون شيئاً.. فتحدث المجاعات وتدمر المجتمع بكامله ويحدث الانهيار فيقضي على الفقير ويتبعه الغني… أي الكل هالك لن ينجو إلا القلة القليلة…
لقد انهارت الحضارة الرمانية وحضارة المايا بسبب تركز الثروة في يد النخبة القليلة التي كانت غافلة عن المصير الأسود الذي ينتظرها. ولكن يمكن إنقاذ أي حضارة من الانهيار بإجراء بسيط جداً وهو أن يتبرع الغني بشيء من ماله للفقراء… واتباع أنظمة تؤدي لعدم الاستغلال والاحتكار ..
وكذلك إلغاء الكثير من الظواهر الضارة مثل الربا والربح الفاحش والغش وأكل مال الآخرين بغير الحق … وتنبيه الشركات ورجال الأعمال والحكومات لخطورة الاستمرار في سياسة التوزيع غير العادل للثروة… وهذا سيعيد بناء المجتمع على أسس عادلة تؤدي لتفادي كارثة الانهيار.
لقد أقسم الله تعالى بظاهرة انهيار النجوم أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، قال تعالى: (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى) [النجم: 1-2]، وبالمقابل أخبرنا أن كل من يعصي الله تعالى سوف ينهار ويهوي، قال تعالى: (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى) [طه: 81]، وتأملوا معي كلمة (هَوَى) التي وردت في كلتا الحالتين.. وهذه إشارة إلى التشابه بين عالم النجوم وعالم البشر، فالكل له نهاية حتمية.
لقد طبق الباحثون نموذج HANDY على الولايات المتحدة الأمريكية ولاحظوا وجود خلل كبير في توزيع الثروة واستهلاك الخيرات وطريقة قيادة المجتمع وتوقعوا بأن انهياراً ما سيحدث وأنه لا يمكن تفاديه إن لم تتم معالجة الخلل الأساسي في الحضارة.
كيف أخبر القرآن عن ذلك؟
كثيرة هي الآيات التي أخبرت عن أمم وحضارات أهلكها الله تعالى بسبب الفساد والظلم والانحراف عن طريق الله تعالى.. يقول تعالى: (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) [الأنعام: 6].
لقد أكد القرآن قبل أكثر من أربعة عشر قرناً أن سبب الهلاك هو الظلم وأن انهيار الأمم لا يحدث إلا كنتيجة للظلم، قال تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) [هود: 117]… إذاً مقياس بقاء الأمم هو الإصلاح، فالإصلاح هو الوسيلة المثلى للحفاظ على الحضارة.. وإن أي نظام يعتمد منهج الإصلاح سوف يستمر طويلاً، بعكس الأنظمة التي تعتمد الظلم والاستبداد حيث تهوي بشكل مفاجئ في الغالب.
هناك آية عظيمة تؤكد إمكانية التنبؤ بزوال الأمم وأن هناك قانوناً رياضياً يمكن من خلاله معرفة مدة كل أمة على الأرض.. ومع أن هذا القانون موجود ولكننا نجهله حتى الآن.. يقول تعالى: (وَوما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم * ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) [الحجر: 4-5].
أي لكل أمة من الأمم وقت محدد لا يمكنها أن تتفاداه… هذه الآية طرحت فكرة موت الحضارات، وهذه الفكرة جديدة لم تكن معروفة من قبل، حيث اعتبر القرآن أن لكل أمة أجلاً تماماً كما أنه لكل إنسان أجل محدد يموت بعده…
دائماً وكما تقول الدراسة العلمية أن سبب هلاك الأمم هو القلة القليلة التي تمتلك المال والثروة وتتركز فيها معظم ثروة البلاد.. ولذلك فإن هذا الخلل وعدم التوازن سيؤدي في النهاية للانهيار… والعجيب أن القرآن أشار إلى هذه الحقيقة بشكل مذهل في قوله تعالى: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا * وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) [الإسراء: 16-17].
وهنا نلاحظ أن الله تعالى تحدث عن المترفين (أمرنا مترفيها) أي النخبة القليلة من الأغنياء التي تتحكم بمصادر الثروة في البلاد، هي التي تكون سبباً في الهلاك ولكن بعد الظلم والفساد وأكل أموال الناس وخلق فجوة هائله بين الغني والفقير.. أي أن الهلاك والدمار له شرطان وجود قلة قليلة تملك معظم الثروة و وجود الظلم والفساد.. هذان الشرطان هما سبب انهيار الحضارات.. هذا ما قرره القرآن في القرن السابع .. وهذا ما وجده العلماء عام 2014 !!!
ولذلك فإن القرآن الكريم يذكرنا دائماً بهلاك الأمم من قبلنا وأن هذا الهلاك هو معجزة وآية من آيات الله ينبغي على كل من لديه عقل أن يتفكر فيها.. قال تعالى: (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى) [طه: 128]… تأملوا كيف يذكرنا القرآن بمصير من سبقنا لنأخذ العبرة.. وهو تذكير للحاكم والمحكوم أن يتقي الله تعالى وينظر لمصير من سبقه من الجبابرة.. ولكن المسألة تحتاج لعقل حكيم.
كذلك يقول تعالى مؤكداً أن الترف الزائد وإنفاق المال بشكل جنوني على أشياء تافهة كما يحدث اليوم في الولايات المتحدة سوف يؤدي للانهيار:قال تعالى: (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين) [القصص: 58]… آيات كثيرة جداً تتحدث عن هلاك الأمم والحضارات من قبلنا، وكأن الله تعالى يريد أن يرسل لعباده رسالة خفية يريدهم أن يبقوا في حالة تذكر لمشاهد الانهيار… وهذا يؤثر في نفس الإنسان ويجعله في حالة خوف من المعصية وتذكر لله تعالى..
علماء النفس يؤكدون أن الإنسان عندما يخاف من شيء فإن دماغه يرسم صورة قبيحة لهذا الشيء مما يؤدي تدريجياً إلى الامتناع عن فعله.. ولذلك يضعون على علب السجائر بعض الصور المرعبة لسرطان الرئة والفم واللسان… مما يثير في نفس المدخن الخوف من التدخين ويمكن أن يكون سبباً في الإقلاع عنه.
وهذا ما يفعله القرآن حيث نجد الكثير من الآيات تذكرنا بمصير الأمم من قبلنا والتي أهلكها الله تعالى بذنوبها وبسبب إفسادها في الأرض وظلم الناس… وهذا من إعجاز القرآن أيضاً، فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه هذه العلوم النفسية ولم تكن مكتشفة أصلاً، حتى يستخدمها في القرآن.. وهذا يدل على أن القرآن ليس من تأليف بشر بل هو كرم رب البشر سبحانه وتعالى.
وإليكم بعض الآيات وهي كثيرة وجميعها تذكرنا بالأمم الهالكة من قبلنا.. قال تعالى: (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون) [السجدة: 26]. وقال تعالى:: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) [يس: 31]…
كذلك فإن الترف والغنى الفاحش والإسراف … كل هذه عوامل تسرع عملية السقوط والانهيار، قال تعالى: (ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين) [الأنبياء: 9]… دققوا معي في قوله تعالى: (وأهلكنا المسرفين) كإشارة إلى خطورة الإسراف في المال كما يحدث في كثير من الدول حيث ينفقون المليارات على مشاريع من أجل الرفاهية و المتعة وإشباع رغبة الأغنياء.. وتجد في الجانب الآخر من يموت جوعاً..
ملاحظة مهمة:
صدرت الكثير من الأبحاث التي تتنبأ بنهاية أمريكا وحددت تاريخاً لذلك، ونود أن ننبه الإخوة القراء أن كل التواريخ المحددة لا تقوم على أساس علمي، أي حتى هذه اللحظة لم ينجح الباحثون في تحديد نهاية أي حضارة بشكل دقيق.
ولكن يمكن القول بأن الحضارة الأمريكية مثلاً سوف تنهار خلال عشرات السنين القادمة.. وقد يحتاج الأمر إلى بعض العوامل لتسريع عملية الانهيار مثل كارثة كونية (نيزك يضرب قارة أمريكا مثلاً) أو كارثة طبيعية (موجات تسونامي أو زلازل..) أو كارثة مناخية (مثل الجفاف أو عصر جليدي مفاجئ… أو غير ذلك)…
وهكذا دعونا نتساءل..
لو كان القرآن الكريم من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم – كما يدعي بعض المشككين – فلماذا يذكرنا دائماً بانهيار الأمم من قبلنا بل ويطلب منا أن نتأمل ونتفكر في طريقة إهلاك هذه الأمم بعد فسادهم وظلمهم؟ إنه يعني أن هذا النبي الرحيم يريد لنا الخير والنجاة من عذاب الله، إذاً هو صادق في دعوته لله تعالى، وأنه لم يأت بشيء من تلقاء نفسه.. وهذا دليل منطقي على أن القرآن كلام الله تعالى وليس من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم.
ــــــــــــ
منقول من موقع
www.kaheel7.com/ar
المراجع
Nasa-funded study: industrial civilisation headed for ‘irreversible collapse’? – http://www.theguardian.com/environment/earth-insight/2014/mar/14/nasa-civilisation-irreversible-collapse-study-scientists
0 تعليقات