تقنية النانو والنانو روبوت
تقنية النانو
إن أغلب المواد الموجودة في الطبيعة صالحة موادَّ ً أولية لإنتاج المواد النانوية، كالفلزات وأشباه الفلزات والزجاج وبعض المركبات العضوية،ويستخدم العلماء أسلوبين متعاكسين للحصول على الخواص المطلوبة،
الأسلوب الأول تكبير أبعاد الذرات والجزيئات الصغيرة بتجميعها وترتيبها لتصل أبعادها بين واحد ومئة نانو متر مع الحفاظ على هياكلها الأساسية،
أما الأسلوب الثاني فهو تصغير الحبيبات الكبيرة وتحويلها الى حبيبات صغيرة ناعمة لا تتعدى أبعادها مئة نانو متر،
والنانو متر يعني باللغة اليونانية (القزم)، أما في علم الفيزياء فيعني جزءا واحدا من مليار (ألف مليون ) أي أصغر من الميكرو الذي يستخدم لقياس أبعاد الجراثيم بألف مرة، ويستخدم النانو وحدةً لقياس أقطار الذرّاتِ وبعض الجزيئات والفيروسات……
تقنية الجزيئات متناهية الصغر أو تقنية الصغائر أو تقنية النانو هي العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي.
تهتم تقنية النانو بابتكار تقنيات ووسائل جديدة تقاس أبعادها بالنانومتر وهو جزء من الألف من الميكرومتر أي جزء من المليون من الميليمتر.
عادة تتعامل تقنية النانو مع قياسات بين 1 إلى 100 نانومتر أي تتعامل مع تجمعات ذرية تتراوح بين خمس ذرات إلى ألف ذرة.
وعلم النانو هو دراسة المبادئ الأساسية للجزيئات والمركبات التي لا يتجاوز قياسه الـ 100 نانو متر، فالنانو هو أدق وحدة قياس مترية معروفة حتى الآن، ويبلغ طوله واحد من بليون من المتر أي ما يعادل عشرة أضعاف وحدة القياس الذري المعروفة بالأنغستروم، ويعرَّف النانومتر بأنه جزء من البليون من المتر، وجزء من الالف من الميكرومتر. ولتقريب هذا التعريف إلى الواقع فان قطر شعرة الرأس يساوي تقريبا 75000 نانومتر، كما ان حجم خلية الدم الحمراء يصل إلى 2000 نانومتر، ويعتبر عالم النانو الحد الفاصل بين عالم الذرات والجزيئات وبين عالم الماكرو.
ضآلة متناهية
لنتخيل شيئا في متناول أيدينا على سبيل المثال مكعب من الذهب طول ضلعه متر واحد ولنقطعه بأداة ما طولا وعرضا وارتفاعا سيكون لدينا ثمانية مكعبات طول ضلع الواحد منها 50 سنتيمترا، وبمقارنة هذه المكعبات بالمكعب الأصلي نجد أنها ستحمل جميع خصائصه كاللون الأصفر اللامع والنعومة وجودة التوصيل ودرجة الانصهار وغيرها من الخصائص ماعدا القيمة النقدية بالطبع، ثم سنقوم بقطع واحد من هذه المكعبات إلى ثمانية مكعبات أخرى، وسيصبح طول ضلع الواحد منها 25 سنتيمترا وستحمل نفس الخصائص بالطبع، وسنقوم بتكرار هذه العملية عدة مرات وسيصغر المقياس في كل مرة من السنتيمتر إلى المليمتر وصولا إلى الميكرومتر. وبالاستعانة بمكبر مجهري وأداة قطع دقيقة سنجد أن الخواص ستبقى كما هي عليه وهذا واقع مجرب في الحياة العملية, فخصائص المادة على مقياس الميكرومتر فأكبر لا تعتمد على الحجم.
تأثيرات تقنية النانو
لتأثيرات تقنية النانو الكثير من التطبيقات البشرية والطبية والأخلاقية والنفسية والقانونية والبيئية، والمرتبطة بالعديد من المجالات ومنها الهندسة، وعلم الأحياء، والكيمياء، والحوسبة، وعلوم المواد، والتطبيقات العسكرية، والاتصالات بل ان تأثيراتها يصعب حصرها.
و تشمل فوائد تقنية النانو تحسين أساليب التصنيع، وأنظمة تنقية المياه، وشبكات الطاقة، وتعزيز الصحة البدنية، الطب النانوي، وتحسين طرق إنتاج الأغذية والتغذية على نطاق واسع والبنية التحتية لصناعة السيارات.
المنتجات المصنوعة مع تقنية النانو قد تتطلب العمل قليلا، والأرض، أو الصيانة، وتكون ذات إنتاجية عالية، وانخفاض في التكلفة، ولها متطلبات متواضعة للمواد والطاقة.
إلا أن المخاطر قد تكون مرتبطةً بكلٍ من المجالات البيئية والصحية، وقضايا السلامة والآثار السلبية للجسيمات الدقيقة التي يتم دراستها قبل أن يفرج عنهم ؛ الآثار الانتقالية مثل النزوح من الصناعات التقليدية ومنتجات تكنولوجيا النانو أصبحت مهيمنة ؛ التطبيقات العسكرية مثل الأسلحة البيولوجية، والمراقبة من خلال مجسات النانو، والتي تثير قلق المدافعين عن حقوق الخصوصية.
التطبيقات الممكنة
ويمكن تحديد االنجازات التالية لتقنية النانو في مجال الطب:
الطب النانوي
= من أهم خصائص تقنيات النانو أنها تساهم بشكل كبير في علاجات أمراض السرطان عن طريق استخدام الجسيمات النانوية في التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد موقع الأورام السرطانية بدقة عالية ،
= كما أنها تدخل في تصنيع الأدوية عن طريق مسحوق النانو وهو عبارة عن مركب نانومتري قطره أقل من 100 نانوميتر ، أو من خلال قذائف حبيبات النانو الذهبية التي حضرها العالم المصري الدكتـــــور مصطفى السيد في جامعة رايس الامريكية .
= هذا بالإضافة إلى تقنية توصيل الأدوية والعقاقير عن طريق الأنابيب النانومترية .
= التشخيص الدقيق لمرض الســكري من النوع الثاني الذي يصيب االطفال والمراهقين نتيجــــــة التناول المستمر للوجبات الغذائية السريعة وقلة الحركة . =استبدال المفاصل التالفة في جسم االنسان بأخرى ذات جودة عالية .
= إنتاج انابيب الكربون النانوية التي تستخدم كدعامات مرنة ومتينة لا يرفضها الجهاز المناعي للجسم، والتي توضع داخل الشرايين التي تراكم داخلها الكولســــترول الذي يعيـــــــــق دخول الدم الحامل للأوكسجين والغذاء.
= إنتاج ادوية مختلفة لمعالجــــة اعتالل المخ الناجـــــــم عن مــرض الزهايمر واعتالل الأعصاب الحركية
= إنتاج مضادات حيوية حاوية على نانو الفضة والذي لديه القدرة على قتل حوالي 191 جرثومة دون ان يؤذي ذلك جسم الأنسان
تقنيةالنانو في صناعة الملابس
تمكن الباحثون في مجال تقنية النانو من استعمال هذه التقنية من اجل خدمة وتطوير صناعات الغزل والنسيج وخصوصا الملابس وكما يلي
:- * ستكون الملابس مقاومة للبقع و السوائل
. *ستقوم الملابس بحماية الأنسان الذي يرتديها من أضرار الأشعة فوق بنفسجية
.. * إن الملابس ستكون قادرة على توفير الأتصال بالإنترنت
. * إن الملابس ستكون قادرة على إعادة شحن الأجهزة
. * إن الملابس ستكون قادرة على مراقبة الحالة الصحية لمرتديها
. * يمكن للملابس ان يتغير لونها وحسب المناسبة والطقس وبالتالي لاداعي لشراء أكثر من بدلة واحدة او فستان واحد
تقنيةالنانو في المجالات العسكرية
بالأمس القريب كانت لدى العالم مشـــــــــكلة ارقت الكثيرين وهي ما يســــــمى بأسلحة الدمار الشـامل )Weapons Destruction Massive ، )حيث تضمنت العديــــــد مـــــــن الأســــــلحة منها السلاح البيولوجي )Weapons Biological ،)والسلاح الكــيميائي)Weapons Chemical ، )والسلاح النووي )Weapons Nuclear ،)وذلك لان تلك الأسلحة فتاكة وذات تاثير فـــــعال وسريع ثم تطور الأمر ليصبح لدينا خليط من السلاح أكثر ضراوة يجمع بين الأســلحة الثلاثـــة السـابقة وقـــــد تحقق للقوى العظمى ذلك مما أذهل العالم من خطورة ذلك الناتج العجيب.
واليوم تم الأنتقال تماما من تلك الأسلحة التقليدية حديثة العهد إلى الســــلاح المعتمد على تقنيه النانو ومن الأفكار المطروحة وتوجهات التوظيف العسكري الراهن للتكنولوجيا الأتي
* إيجاد بديل إلكتروني للجزء الحيوي من الأدمغة البشرية للوصول إلى وضع يســتطيع مـــعه صاحب الدماغ المعدل إلكترونياً تحميل الذاكرة بمئات أضعاف ماهو متاح طبيعياً وتخزين التعليمات المعقدة والقدرة على تحقيق الإتصال والتواصل بين دماغ بشري وآخر
. * ابتكار أعضاء وبدائل مصنعة لأجــــــزاء مـــــن الجسم البشري بمايتيح رفــع المسـتوى البدني وقــدرات الأداء البشري.
*صناعة أقراص تغير عمليات الأستقلاب في خلايا أجسـام الجنود بما يمنحهم القدرة على البقاء لعدة أيام بدون نوم أو طعام.
* صنع روبوتات تكاد تطابق الكائنات الحية ، مصممة على غرار الصراصير تستطيع التســلق على الجدران والسلالم والتضاريس الصخرية المختلفة.
*صنع أنظمة ترصد من مسافة بعيدة الحالة الذهنية للأشخاص المشكوك بهم، أوالمرغوب بمراقبتهم والتجسس على أفكارهم ، باستعمال تقنية قريبة من التصوير بالرنين المغناطيسي وسواه ،بحيث تتمكن هذه الأنظمة من كشف نوايا الشخص وقراءة أفكاره مسبقاً
تقنية النانو في مجالات الاغذية و الزراعة
تسعى شركات الغذاء لتطبيق تقنية النانو من أجل إنتاج أفضل المحاصيل الزراعية الخالية من المواد الحافظة والمواد الكيميائية الضارة ، ويمكن اعتبارها من التقنيات الواعدة في الصناعات الغذائية إذ تمكن المصنعون من تطوير التركيبة الغذائية وكذلك الجودة والسلامة الخاصة بمنتجات التصنيع الغذائي حيث تؤثر تقنية النانو على سلوك الأغذية وكذلك الصفات الوظيفية والتركيبية ويمكن القول بأن هذه التقنية من الأنظمة المتعددة والتي تجمع الباحثين من مجالات الكيمياء والفيزياء والأحياء والهندسة
في قالب واحد
ولتقنية النانو العديد من التطبيقات الغذائية نذكرمن بينها
- الاضافات الغذائية ) نانو سكل( لتطوير الجودة التصنيعية للمواد الغذائية
- كذلك السلامة الغذائية بالإضافة إلى تعزيز مواد التغليف الغذائية فعلى سبيل المثال، استعمال مواد النانو قادرة على تعريف المستهلك بمدى سلامة وصلاحية المادة الغذائية اذ يتم اضافة مدركات النانو لمادة التصنيع الغذائية للتعرف على فساد المنتجات الغذائية وكذلك المكروبات الضارة .
التطبيق الأكثر إثارة هو لشركة “Kraft” المتخصصة في صناعة الأغذية فقد قامت قبل فترة من الزمن بأختراع مشروبات مبرمجة وهي مشروبات لاطعم لها ولالون يتضمن نانو جزيئات للون والطعم عندما توضع في الميكروويف عند تردد معين تتحول إلى عصير ليمون وعند تردد اَخر تتحول إلى عصير تفاح وهكذا .
تقنيةالنانو في صناعة السيارات والطائرات
تقدّم تقنية النانو الكثير لتحسين الصناعة في هذا المجال فمثلا تدخل هذه التقنية في صناعة الهياكل والأبواب والمقاعد والدعامات وغيرها من الأجزاء الرئيسية في السيارات والطائرات ومن أهم مميزات هذه القطع المحسّنة أنها صلبة وذات مرونة عالية في نفس الوقت كما أنها تتميز بخفة وزنها ومن مميزات القطع المحسنة اوالمستخدمة في صناعة الأجزاء الداخلية للسيارت والطائرات أنها تقلل من استهلاك
الوقود كما أنها ستساعد في صنع محركات نفاثة تتميز بهدوئها وأدائها العالي.
ماهى تقنية النانو وكيف تستخدم فى علاج مرض السكر:
مع تطور تقنية النانو وانتشارها ظهرت أجهزة جديدة يتم استخدامها في قياس نسب الإنسولين اللي بتنتجه ”خلايا بيتـا“ فى البنكرياس. هذه الأجهزه تكون حساسة جدا في أثناء عملية القياس مهما كان الإنتاج طفيف، وهى بديل عن أجهزة قياس السكر العادية عن طريق الدم.
أحدث أنواع الأجهزة هذه يتميز بوجود جزيئات نانوية مضيئة، فبمجرد أن يقل مستوى السكر فى الدم لمستوى خطير، يبدأ الجهاز فى إعطاء إشارات ضوئية, هذه الأجهزة يتم لزقها على الذراع ,
كما تطورت طريقة تناول جرعات الإنسولين باستخدام تقنية النانو، فمن المعروف إن مرضى السكر المعتمدين على الأنسولين يتم حقنهم بالإنسولين تحت الجلد لضمان وصول الجرعة كاملة إلى كل خلايا الجسم لكن أحيانا تكون جرعة الإنسولين زياده عن الجرعة التى يحتاج لها الجسم أو أقل منها, و باستخدام تقنية النانو يتم تطوير طريقة لحقن المريض بجزيئات نانوية حامله للإنسولين، هذه الجزيئات مغطاة بإنزيم معين يظهر عندما يرتفع سكر الدم ، ويحدث تفاعل بين الإنزيم وسكر الدم، وكنتيجة لهذا التفاعل يبدأ الإنسولين بالخروج بالشكل المطلوب.
أربع طرق لاستخدام النانو فى علاج مرض السكر:
• تنمية خلايا جديده: عن طريق استخدام خلايا جذعية جنينية ، وبالتالي تكون قدرتها على التمييز لأي نوع من الخلايا أكبر من الخلايا الجذعية العادية الموجودة فى الجسم باستخدام مفاعل حيوي فريد من نوعه فيصبح من الممكن نمو الخلايا الجذعية بشكل كبير لأنها تكون فعالة علاجيا.
• التمايز المباشر للخلايا: عن طريق تحويل خلايا بنكرياسية عادية إلى خلايا بيتـا، فعليا تم تنفيذ التجربة على الفئران وتم تحويل خلايا بنكرياسية هضمية إلى خلايا بيتـا منتجة للإنسولين, تمت هذه العملية عن طريق إدخال فيروس معين إلى الخلية البنكرياسية العادية، يحدث هذا الفيروس طفرة فى تركيب الخلية فتتحول لخلايا بيتـا، ونظريا يمكن تطبيق هذه التقنية على البشر لكن هناك تخوفات من إحداث هذه الطفرات فى خلايا البنكرياس.
• إعادة برمجة الخلايا الجذعية: عن طريق أخذ خلايا من المريض نفسه وعمل إعادة برمجة ليها، والتى ينتج عنها خلايا جذعية محفزة، وتبدأ فى التمايز إلى خلايا بيتـا، فعليا نجح العلماء فى إنتاج الكثير من الخلايا المعاد برمجتها ويبقى فقط التأكد من عدم وجود أى آثار جانبية على المرضى إذا تم تطبيق التقنية دي.
• التنظيم الذاتى للخلايا: تختلف هذه الطريقة عن السابقيين ,لأنها لا تعمل على إنتاج ”خلايا بيتـا“ جديدة لكنها تقوم بتحفيز خلايا بيتا نفسها لإنتاج نسخ كتيرة منها، وعليه خلايا بيتا الموجودة فى البنكرياس تقوم بالانقسام وتنتج نسخ منها باستمرار لكن يحدث هذا بمعدل بطئ، بالإضافة إلى إن المعدل يقل مع التقدم فى العمر, التقنيه يمكن تطبيقها على مرضى السكر من النوع الأول والتاني إذا تم تشخيصه مبكرا، عن طريق زيادة معدل انقسام الخلايا.
استطاع فريق بحثي مصري ابتكار وتطوير تركيبة جديدة من مادة السليمارين المستخلصة من الأعشاب باستخدام تقنيات النانو. التقنية الجديدة نجحت في خفض مستويات السكر في الدم لدى حيوانات التجارب المصابة بالسكري من النوع الثاني مقارنةً بالمركب الطبيعي. ولا تقتصر فاعلية التركيبة الجديدة على تفعيل إفراز الإنسولين، ولكنها تمتد إلى تنشيط خلايا بيتا بجزر لانجرهانز المسؤولة عن إنتاجه.
الدراسة المصرية التي نُشرت في دورية طب النانو “Nanomedicine”، في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2016، أظهرت نتائجها تحسنًا ملحوظًا لخصائص مادة السليمارين في تركيبتها النانوية الجديدة، من كونها مضادة للأكسدة وخافضة لمعدلات السكر المرتفعة في الدم مقارنةً بمادة السليمارين في شكلها الطبيعي. مما يجعل التركيبة الجديدة أكثر فاعليةً وأمانًا، ويعطي أملًا بإمكانية التوصل لعلاج واعد يؤخذ عن طريق الفم.
ووفقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية فإن مرض السكري من النوع الثاني لا يعتمد على الإنسولين، ويرجح أن زيادة الوزن والخمول البدني هما السببان الرئيسيان للإصابة به، وهو عبارة عن اضطراب يعاني فيه المريض ارتفاع مُعدّلات السكر في الدم، مع نقص ومقاومة نسبية للإنسولين، وهو على النقيض من النوع الأول الذي يرتبط بنقص مطلق في الإنسولين بسبب تدمير خلايا البنكرياس. ولم يكن هذا النوع من السكري يُصادَف إلا في البالغين حتى بدأ يظهر في الأطفال في وقت قريب. ومن مضاعفاته الإضرار بالقلب والأوعية الدموية والعينين والكلى والأعصاب، كما يزداد خطر تعرُّض البالغين المصابين بالسكري للنوبات القلبية والسكتات الدماغية ضعفين أو ثلاثة.
إعادة اكتشاف السليمارين
ويُعَد ابتكار تركيبة نانوية جديدة للسليمارين تسمح بزيادة قابليته للذوبان في الماء، وبالتالي تحسين التوافر الحيوي، هو التحدي الذي حاول الفريق البحثي -الذي جمع باحثين من كلٍّ من مركز علوم المواد بجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وكلية الصيدلة ومركز أمراض الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة- التغلُّب عليه. وقد أسهمت التقنية الجديدة أيضًا في خفض معدل الجرعة المأخوذة منه في بروتوكول العلاج لمنع التأثيرات الجانبية.
وكانت الأبحاث العلمية قد أشارت إلى احتمالية تَسبُّب الجرعات العالية من السليمارين في مقاومة الإنسولين وتحفيز حدوث الالتهابات بدلًا من مقاومتها.
ويبدو أن “تحميل العقاقير الطبيعية داخل حاملات نانوية مبتكرة يضمن التوصيل الموجه لهذه العقاقير إلى الأماكن المستهدفة بطريقة ممتدة المفعول”، وفق قول الدكتور إبراهيم الشربيني، أستاذ ومدير برامج علوم النانو والمواد بجامعة زويل، الذي يشير إلى زيادة التوافر الحيوي ومن ثَم التأثير العلاجي للدواء من ناحية، وتعزيز امتثال المريض للعلاج عن طريق تقليص عدد الجرعات التي يتعاطاها والحد من سُمِّية الدواء وأعراضه الجانبية من الناحية الأخرى.
ويُعَد السليمارين واحدًا من أقدم الأدوية العشبية والمكملات الغذائية المعروفة حول العالم، والتي يشتهر دورها الآمن والفعال في علاج عدد من الأمراض ومنها الكبد واضطرابات المثانة والسرطان والسكري. هذه الآثار العلاجية تُعزى لخصائصها المقاومة للسرطان والالتهابات إلى جانب محاربة الشوارد الحرة “المؤكسدة”. ويجري استخلاص السليمارين من نبات يسمى “عشبة حليب الشوك” Milk Thistle واسمه العلمي Silybum Marianum، ويوجد في دول حوض البحر المتوسط وأوروبا، كما يوجد بكثرة في فلسطين.
في هذه الدراسة، استطاع فريق جامعة زويل -بقيادة الدكتور الشربيني- وضع مادة السليمارين داخل كريات نانوية لتعزيز التوافر الحيوي للمادة وكذلك تحسين امتصاصها، في شكل جرعة دوائية تؤخذ عن طريق الفم، يقول الشربيني: “لقد وجدنا أن التركيبة النانوية الجديدة متفوقة في التحكم بمرض السكري بسبب امتداد مفعول جرعة السليمارين داخل الجسم”.
يتطلب تطوير هذه التركيبة الجديدة من الشربيني وفريقه دراسة الخصائص الفيزيائية للمادة، وتحديد حجم الجسيمات والخصائص المورفولوجية؛ لإعادة تشكيل المادة في جزيئات أقل حجمًا.
يوضح الشربيني قائلًا: “تكمن مشكلة المستخلصات الطبيعية عند استخدامها كمستحضر علاجي في عدم ذوبانها في الماء؛ ولأن أجسامنا مائية لا بد من ذوبان المواد لكي يستفيد الجسم من الجرعة العلاجية؛ وفي البحث جرى ابتكار تركيبة نانونية ثابتة كان فيها حل لعدة مشكلات سابقة واجهت مركب السليمارين من قبل، كمشكلة الذوبان في الماء، كما أن التركيبة النانونية أسهمت في تدفق جرعات العلاج للجسم بشكل تدريجي، سواء تم حقنه أو تناوله بالفم؛ بالتالي يحصل الجسم على حاجته من دون وجود ترسبات تصل إلى حد السميه التي تسبب الأعراض الجانبية”.
يستطرد الشربيني: إن التركيبة النانونية التي توصل إليها البحث أسهمت في تحقيق الاستفادة من المركبات الإيجابية لمادة السليمارين دون تعرُّض لأضراره نتيجة عدم وجود بقايا منه في الجسم، ويضاف لذلك الاحتياج إلى جرعة بسيطة، نتيجة الاستفادة من الجرعة العلاجية بشكل تدريجي، وهو أمرٌ له بُعد اقتصادي، وإذا كان السليمارين مادة طبيعية رخيصة نسبيًّا، إلا أن صناعة الدواء مكلفة، والدراسة تكشف عن إمكانية تقليل الجرعة مع زيادة الكفاءة.
وكانت دراسات سابقة قد أظهرت أن التأثير العلاجي لمادة السليمارين يعوقه ذوبانها الشحيح في الماء، وكذلك انخفاض نفاذيتها من خلال الأمعاء، كما يلحق بها الضرر من قبل إنزيمات المعدة، مما يتسبب في التخلُّص السريع من المادة دون الاستفادة منها.
تقول الدكتورة ليلى عيسى -رئيس قسم الكيمياء الحيوية في كلية الصيدلة، جامعة المنصورة، وأحد أفراد الفريق البحثي- لمجلة “للعلم”: إن الفكرة الأساسية للبحث نابعة من جامعة المنصورة، وكانت أهمية التعاون مع مدينة زويل في الجانب المتعلق بعلوم النانو، وأضافت: “استغرق البحث حوالي سنتين ونصف، ويتناول تأثير السليمارين كمضاد أكسدة يمكن تحويله لجزيئات نانونية، ما يجعله أكثر تأثيرًا، والاستفادة منه في علاج السكري وأمراض الكبد بوصفه مركبًا طبيعيًّا أعراضه الجانبية بسيطة.
من جانبه، يشدد الشربيني على أن العمل البحثي المشترك له الكثير من الإيجابيات، منها التكامل في الإمكانيات الفنية والعلمية؛ ما تحقق بوضوح في هذه الدراسة والتي ركزت على إمكانية التوسع في استخدام مركب السليمارين الطبيعي في تنظيم معدل الجلوكوز في الدم، وهو مستخدم بالفعل في عقاقير معالجة للكبد.
النانو والأولويات البحثية
ويبدو أن التوجُّه للتعامل مع العقاقير المستخلصة من مصادر طبيعية وإخضاعها للتكنولوجيات الحديثة مثل النانو أعطى أملًا للباحثين بالقطاع الطبي. في الوقت الذي تُعَد العقاقير المخلقة في المعامل والمستخدمة حاليًّا لعلاج مرض السكري غير فعالة تمامًا أو تزداد آثارها الجانبية عند استخدامها لفترات طويلة.
وحاليًّا يقدَّر عدد الأدوية القائمة على تقنيات النانو المتاحة بنحو 200 نوع، بخلاف 120 أخرى في طور التجارب السريرية.
ووفقًا لتقرير صادر عن مجموعة عمل طب النانو التابعة لمنصة التكنولوجيا الأوروبية، ترتكز الأولويات البحثية لتطوير طب النانو خلال الأعوام 2015- 2020، على ثلاثة محاور: أولًا: تطوير أنظمة توصيل الدواء المتقدمة بشكل مستهدف ومحدد للخلايا. ثانيًا: إيجاد تركيبات دوائية ممتدة المفعول “sustained release” توفِّر إطلاقًا للمادة الفعالة بكميات ثابتة بشكل مستمر. ثالثًا: تطوير لقاحات عن طريق الفم لأمراض: نقص المناعة المكتسب والسل والملاريا، بواسطة وضع الجزيئات الحيوية مثل البروتينات والببتيدات في حاملات نانوية.
0 تعليقات