شبهة أن القرآن الكريم من اختراع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
شبهة أن القرآن الكريم من اختراع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
إن الزعم بأن القرآن الكريم من اختراع أهواء وتخيلات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من أضعف شبهاتهم. فهل عجزت أمهات ملايين العرب أن يلدن مثله؟ وهل كانت كل ظروف حياته تؤهله ليكون مرتاح البال، هانئاً، جالساً على أريكته.. ممسكاً ورقة وقلماً يكتب آيات من القرآن الكريم؟! إن ما يستطيعه آحاد البشر، يستطيعه مجموع البشر بالضرورة.
فلماذا لم يقوموا بذلك إذاً؟
كما أن هنالك عدة ردود على ذلك الزعم، منها:
1. الفرق في الأسلوب بين القرآن الكريم والحديث الشريف: فمن المؤكد أن الشخص الواحد مهما كان أديباً عبقرياً يستحيل أن تصدر عنه جمل مختلفة في أسلوبها في الوقت ذاته. فرسول الله صلى الله عليه وسلم بشر، يغضب ويفرح ويحزن ويتألم.. ولكنك تجد الفرق واضحاً بين ما صدر عنه من حديث نبوي شريف، وما أخبرنا أنه قرآن كريم. فلو كان مصدر القرآن والحديث واحد، لكان من العسير جداً التفريق بين أسلوبيهما ونظمهما.
ولماذا لم يدَّعِ محمد صلى الله عليه وسلم أن أحاديثه آيات رغم أنها كذلك موحىً بها من عند الله عز وجل.
2. من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يرى مقدار خشيته من الله تعالى، وورعه فيستحيل أن يترك الخداع والكذب على الناس، ويكذب فيما ينسبه إلى الله عز وجل.
3. ماذا يريد الإنسان من دعوى النبوة إن كان كاذباً؟ إنه لا يريد أكثر من الجاه والمال. وقريش عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقصى ما يتمناه خيال أي عربي في ذلك الزمان، من مال وجاه ونساء.. ولكنه ترك ذلك كله، وكان ينام على حصير أثر على جنبه الشريف صلى الله عليه وسلم، وتعرض لعدة محاولات لاغتياله. وحارب المشركين.. رغم أنه كان يمكنه المكوث في عز وهناء، لو ترك الدعوة إلى دين الإسلام.
4. وجوه إعجاز القرآن الكريم المختلفة من بياني وعلمي وغيبي وتشريعي.. لم يأتِ بشرٌ بمثلها.
5. خلو القرآن الكريم من تسجيل حوادث مهمة في حياته، وأسماء أحبائه وأقرب المقربين إليه (والديه، أبنائه، السابقين إلى الإسلام، نسائه..) بل لم يذكر اسمه في القرآن الكريم إلا أربع مرات فقط.
6.وجود آيات العتاب في القرآن الكريم لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فهل سيعاتب نفسه ؟
مثل عتاب الله له في سورة عبس[عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)]
7. كانت تمر على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الملمات الكثيرة، والقضايا العديدة التي تتطلب جواباً سريعاً كحقيقة حادثة الإفك، والثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك..
وتوفيت زوجه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها، وعمه أبو طالب، وابنه إبراهيم دون أن يذكر القرآن الكريم من ذلك شيئاً يواسيه.
وتزوج من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دون أن يسطر ذلك في القرآن الكريم، بينما زواجه من أم المؤمنين زينب رضي الله عنها فقد تحدث القرآن الكريم عنه؛ لكونه ذا صلة بالتشريع.
8. لم يجعل لاجتهاداته الشخصية أي تشريع ملزم للصحابة: كحادثة تأبير النخل
، واستشاراته المتكررة للصحابة في شتى الأمور تدل على ذلك أيضاً.
9. صرّح القرآن الكريم بأن الأمر لو كان لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكان هواه ألا يُلقى إليه أي آية من ذلك القول الثقيل. قال تعالى في سورة القصص: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ..(86)}. نعم إنه قول ثقيل عليه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى في سورة المزمل: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا(5)}.
بل لو كان الأمر بيده لأنزل كلاماً بحسب الطلب، ولكن لا ينبغي له ذلك. قال تعالى: { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 202]. نعم، عدم استجابة محمد صلى الله عليه وسلم لطلباتهم ليكونوا على بصيرة، وليهتدوا، ورحمة بهم..؛ ليتأكد لهم أنه صلى الله عليه وسلم ليس مصدر الوحي.
وسبحان من يجعل في شبهاتهم دليلاً عليهم !
10. نزول القرآن الكريم منجماً في ثلاث وعشرين عاماً، ثم ترتيب ما نزل في نظم بديع محكم لا خلل فيه ولا تناقض ولا تغير في بلاغته. وذلك كله يستحيل أن يصدر عن بشر طبيعته النقص.
11. إن هذا القول مبني على وجود علم مدخر في العقل الباطن لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أين سيكون قد حصل على ذلك العلم السابق؟
12. ما جاء في القرآن الكريم من عبادات شاقة، وتحريم ملذات يتوق إليها أي إنسان، ولم يكن لقريش أي غضاضة للقيام بها. لا يعقل أن يكون هواه قد أجبره على قيام أكثر الليل، وعلى الوصال في الصوم.. وعلى تحريم ما تهواه النفس من شرب الخمر، والربا، ولبس الذهب والحرير، وقبول الصدقة، وتوريث الأبناء..
13. قد يستطيع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تخويف الصحابة –إن افترضنا أنه ألف القرآن الكريم لتلك الغاية– ولكن.. هل هنالك إنسان في العالم يخوف نفسه من عذاب النار، أو يلقي بيده إلى التهلكة بصرف الحراس عنه وهو يعيش في وسطٍ مليء بأعداءٍ، المستترون فيه أكثر من الظاهرين؟ انظر مثلاً إلى قوله تعالى في سورة المائدة: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)}.
هذا الصدق مع النفس، انبثق عنه صدق مع الآخرين.. بينته سورة يونس: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ [5]منْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ(17)}.
14- كيف يمكن لبشر أن يؤلف كتاباً وينسبه لغيره ولا يتباهى به أمام قومه وهو أمي لا يعرف القراءة والكتابة؟
15- كيف يمكن لبشر أن يتحدى الناس جميعاً أن يأتوا بمثل نص أو سورة من كتابه، وكيف يضمن بقاء هذا التحدي أربعة عشر قرناً؟
16- لماذا أقحم هذا المؤلف (وهو سيدنا محمد حسب زعمهم) الكثير من الحقائق العلمية؟ وما الذي يدعوه للخوض في مثل هذه المسائل الدقيقة؟ أليس الأجدر به أن يبتعد عنها وبخاصة أنه يخاطب أناساً يعبدون الأصنام؟
17- مثلاً لماذا حدثنا عن البنية النسيجية للكون فقال: (والسماء ذات الحُبُك) [الذاريات: 7]؟ كيف علم بذلك؟ ألا يخشى أن يكون على خطأ فيأتي من يثبت خطأه من بعده؟
18- لماذا تحدث هذا المؤلف (أي مؤلف القرآن حسب عقيدتهم) عن حقائق كثيرة تشمل يوم القيامة وأنباء الغيب وقصص الأنبياء وتحدث عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأمر بالصدق وكرَّم جميع الأنبياء في حين أن الكتب المقدسة لم تكرِّم نبياً واحداً؟
19- لو كان النبي الأعظم هو مؤلف القرآن فلماذا ذكر اسم (الله) 2699 مرة وهو أكثر اسم تكرر في القرآن؟ بينما ذُكر اسم (محمد) أربع مرات فقط؟ لماذا لم يذكر قصته قبل البعثة الشريفة، لماذا لم يتحدث عن أصدقائه وزوجاته وبناته وقصص زواجه ولماذا لم يضمن القرآن شيئاً من الشعر مادام لديه كل هذه القدرة البلاغية ونحن نعلم أهمية الشعر في ذلك الزمن؟
20- وكيف ضمن أن الإسلام سيكون الدين الأكثر انتشاراً في العالم فقال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وهذا ما تقوله الإحصائيات اليوم أن الإسلام خلال سنوات سيكون الديانة الأولى في العالم من حيث عدد أتباعه ومن حيث عدد الدول التي ينتشر فيها، كيف علم رجل أمي يعيش قبل 14 قرناً بهذه الحقيقة؟
21-سورة مريم تشهد على أن القرآن من عند الله
ملاحظة لاحظها أحد العلماء الذين اعتنقوا الإسلام بعد تفكير طويل وهي هذه السورة العظيمة – سورة مريم…. |
أعجبني تعليق للدكتور ميلر أحد علماء الرياضيات الذين اعتنقوا الإسلام عن قناعة، عندما حاول قراءة القرآن وكان يتوقع أن يجد فيه حديثاً عن زوجات النبي أو أصحابه أو قصة حياته… أو أي أشياء تتعلق به، ولكنه على العكس وجد سورة كاملة تتحدث عن سيدتنا مريم.
لقد ذُهل هذا العالم، فالأناجيل الأربعة لم تخصص سورة لمريم عليها السلام، بل لم تذكر اسم مريم أكثر من مرتين أو ثلاث مرات… ولكنه وجد أن اسم مريم يتكرر في القرآن (34) مرة، وفي جميع الآيات هناك مدح وتطهير لمريم عليها السلام، فلو كان محمداً صلى الله عليه وسلم هو كاتب القرآن، لماذا يخصص كل هذه المساحة للحديث عن المسيح وأمه … وينسى زوجته خديجة مثلاً؟!
لقد ذُكر اسم (عيسى) في القرآن 25 مرة، واسم (المسيح) ذُكر 11 مرة، بينما اسم (محمد) لم يُذكر سوى 4 مرات في القرآن! وإذا تأملنا كل آيات القرآن نجدها ذات مصدر إلهي، فغالباً ما يأتي الخطاب بصيغة التعظيم، مثلاً: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]، (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) [مريم: 40]، (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) [يس: 12]. (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) [ق: 43]. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا) [الإنسان: 23].
تأملوا معي صياغة هذه الآيات التي لا يمكن أن تكون من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لو أراد النبي أن يؤلف القرآن، فلماذا يخاطب الناس بهذه الصيغة (إِنَّا نَحْن)؟ لماذا لم يقُل (أنا)؟ والسبب بسيط جداً، وهو أن الذي أنزل القرآن هو الله تعالى، فهو خالق الكون وهو الذي يحيي ويميت، سبحانه وتعالى عما يشركون.
ففي هذه السورة جاء ذكر سيدنا المسيح وذكر سيدتنا مريم عليهما السلام، وقد صحَّح القرآن الأفكار الخاطئة التي نسجها اليهود عن هذه المرأة العظيمة، فبرَّأها من الفاحشة وطهَّرها على نساء العالمين! كذلك صحَّح القرآن الأفكار الخاطئة عن المسيح فهو رسول من الله أكرمه الله بالمعجزات.
وها يبرز السؤال: ما هي مصلحة محمد صلى الله عليه وسلم عندما صحَّح هذه الأفكار الخاطئة؟ ولماذا ذكر الأنبياء كلهم ذكراً حسناً على عكس التوراة التي تتهم أنبياء الله بالفاحشة وشرب الخمر والكذب والغش… لماذا يقوم هذا النبي عليه الصلاة والسلام بهذا التصحيح ومن أين جاء بهذه المعلومات؟
والجواب في منتهى البساطة، وهو أن الذي علَّمه هو الذي يعلم حقائق الأمور وهو الله تعالى، ولذلك فإن هذه السورة تشهد بصدق القرآن، وليس كما يدّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ معلوماته من التوراة والإنجيل من قبله، ولو كان الأمر كذلك لوجدنا القرآن إما أن يكرر رواية الإنجيل أو ينكر هذه الرواية. ولكن الذي نجده أن القرآن جاء بالقصة على حقيقتها بما يتفق مع المنطق والعلم.
فالله تعالى خالق الكون لا يمكن أن يكون له ولد، فما حاجته للولد، وبما أنه خالق كل شيء، فلماذا يتخذ ولداً؟ وما هي مهمة هذا الولد؟ هل هو إله أم ماذا يصنع؟ ولذلك نجد حقيقة وحدانية الله يتقبلها حتى الطفل الصغير، وهذا يدل على أن الإنسان قد فُطر على ذلك، ويشهد على أن الله واحد أحد.
22-القرآن مليء بالأحداث التي وقعت وسجلها القرآن بدقة، ولم يعترض عليها المشركين الذي كانوا ينتظرون أي خطأ أو خلل، ليتخذوه حجة في تكذيب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. فعندما نزلت سورة المسد التي وعد الله فيها أبا لهب بنار جهنم: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) [المسد: 1-3]. هذه السورة صريحة في تحديد مصير أبي لهب، وأنه سيصلى ناراً ذات لهب، وقد نزلت في بدايات الدعوة، وكان من الممكن أن يعلن أبو لهب توبته (ولو كذباً) ويقول للناس إني آمنتُ بالله، وهذا محمد يعدني بالنار!
ولو حدث ذلك فسوف يؤثر على عقيدة المؤمنين، ولكنه لم يحدث، لماذا؟ لأن منزل هذه السورة هو الله تبارك وتعالى وليس محمداً صلى الله عليه وسلم؟ فالله يعلم يقيناً أن أيا لهب سيموت كافراً فحدّد مصيره بشكل مسبق أنه سيصلى ناراً ذات لهب. ولو كان القرآن من تأليف محمد عليه الصلاة والسلام، لكان الأجدر به أن يتقرب من أبي لهب كونه من كبار القوم، ويعده بالجنة، ولكن هذه السورة تشهد على صدق قائلها… إنه الله تعالى.
23-ولو تأملنا آيات القرآن نرى كثيراً من الآيات تتحدث عن أشياء لم يعارضها المشركون، ولن يستطيع معارضتها أحد إلى يوم القيامة، ومنها انشقاق القمر. فقد أخبر القرآن عن حقيقة وقعت زمن نزوله – أي قبل أربعة عشر قرناً – يقول تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) [القمر: 1-3].
الآيات الكريمات تحدد حقيقة كونية في قوله تعالى: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)، ولو لم يحدث انشقاق القمر ولم يره الناس في ذلك الزمن لكان من السهل على المشركين أن يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم، ويقولوا له: إنك تكذب؟ ولكن هذا لم يحدث، بل قالوا (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)، والكافر عندما يرى شيئاً خارقاً للعادة يصفه بالسحر، كما حدث مع فرعون عندما رأى العصا تتحول إلى ثعبان مبين فقال: (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) [الأعراف: 71].
ولذلك فإن المشركين رأوا انشقاق القمر ولم يستطيعوا القول بأن محمداً كذب عليهم وأن القمر لم ينشق، بل قالوا هذا سحر مبين. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن المؤمنين الذين عاصروا هذه الآيات، لو لم يحدث انشقاق القمر أمامهم، والنبي يحدثهم أنه انشق، إذاً لتسرَّب الشك إلى قلوبهم، وتزعزعت عقيدتهم، وطلبوا الدليل على ذلك.
ومن المعروف أن المؤمنين من الصحابة الكرام كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء! عن معاني الآيات وعن أحداث يوم القيامة وعن تاريخ الأمم السابقة… ولذلك وبما أن الكفار لم يعترضوا، والمؤمنين لم يشكّوا.. فهذا دليل منطقي على أن الحادثة قد وقعت، وأن القمر قد انشق وستبقى هذه المعجزة قائمة إلى يوم القيامة، وقد تكشف الأيام أسرار هذا الانشقاق علمياً!
24-في حديث الأفك : عندما أفترى كبير المنافقين عبد الله بن أبي ، على عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وطعنها في شرفها ، فلم يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم ببراءتها حتى نزلت عليه أية من القرأن (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [11]سورة النور
25-(يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (مريم 7 )
من أين يعلم صلى الله عليه وسلم ان يحيى أسم لم يذكر من قبل فلو هو واضع القرأن وقال ذلك وكان الأسم متداول سابقاً فتحسب عليه .
26–واشتهر الطبيب الفرنسي موريس بوكاي بوقفاته الموضوعية العلمية مع الكتب السماوية، وخرج من دراسته هذه بعدد من النتائج ضمَّنها كتابه المشهور القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم، أو دراسة الكتب المقدَّسة في ضوء المعارف الحديثة، إذ يقول: «كيف يمكن لإنسان – كان في بداية أمره أُمّيًّا – ثمَّ أصبح فضلاً عن ذلك سيِّد الأدب العربي على الإطلاق، أنْ يصرِّح بحقائق ذات طابع علمي لم يكن في مقدور أيِّ إنسان في ذلك العصر أنْ يكونها، وذلك دون أنْ يكشف تصريحه عن أقلِّ خطأ من هذه الوجهة؟
27– لما سأل اليهود النبيﷺ عن ذي القرنين وعن أصحاب الكهف رد عليهم وقال سأجيبكم غداً !
فكان يستطيع أن يرد علي الأسئله التي كان دائماً يطرحها عليه اليهود والمشركين لأختبار نبوته علي الفور ولكنه
ﷺ كان ينتظر جبريل حتي يأتيه بالوحي لأنه إنما كان يرد بما ينزله الله عليه وليس بما ألفه هو
28-أن في القرآن بعض الآيات التي فيها معاتبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر بعض الأمور التي نبه الله عليها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وبعضها قد يكون فيها إحراج للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كان هذا القرآن من عند رسول الله ، لما احتاج إلى هذا ، ولو كان كتم شيئا من القرآن لكتم بعض هذه الآيات المشتملة على العتاب له وتنبيهه على بعض ما كان الأولى به أن لا يفعله كما في قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه)(الأحزاب: من الآية37) . أيبقى بعد هذا شك عند ذي عقل أن هذا القرآن هو كلام الله ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ ما أوحي إليه أكمل بلاغ وأتمه ؟!
[[[ تلخيص السمات التي تؤكد ان القرأن وحي من عند الله ]]]
-
المنطقية : في كلام الله أنه لايتعارض مع مبادئ المنطق
-
الكمال : في كلام الله الكمال والدقة وعدم تناقض العبارات
-
العقلانية : لايوجد به خرافات أو أساطير
-
العلمية : لاتناقض بين مافي القرأن من آيات علمية ومعارف وبين المعارف الصحيحة الثابتة في أي زمان ومكان
-
علم الغيب : أستأثر الله وحده بعلم الماضي والحاضر والمستقبل معاً
-
أستحالة التقليد : الوحي الصادق عن الله تعالى لايحاكية كلام بشر وهو معجزة حية باقية
نعم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صادق، فليس لمحتوى القرآن الكريم أي مصدر من المخلوقات (إنساً أم جناً)، بل هو مصداق قوله تعالى في سورة الشورى: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(52)}.
0 تعليقات