شبهة تحريم الخمر
شبهة تحريم الخمر
ذهب بعض الفساق الجاهلين بالشريعة الإسلامية إلى أنه لم يأت نص صريح في تحريم الخمر ، وأن آيات المائدة لا تدل على تحريم الخمر؛ لأنه تعالى قال
90 – يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
91 – إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ
– فاجتنبوه – ولم يقل حرمته فاتركوه – وقال: فهل أنتم منتهون ، ولم يقل فانتهوا .
وزعم بعضهم أن تنفيذ حد السكر فيه انتهاك صارخ لحرية الإنسان الشخصية، وتدخّل في خصوصياته، فضلاً عن ما فيه من الغلظة والقسوة التي يأباها عالمنا المتحضر اليوم)
الرد على الشبهة
مراحل تحريم الخَمْر
المرحلة الأولى: جاء في المرحلة الأولى لتحريم الخَمْر بيانُ الله –عزّ وجلّ– في مُحكم آياته بأنّ شُرب الخَمْر إثم كبير، ولم يُصرّح الله –تعالى– بالتحريم المباشر لشُرب الخَمْر الذي اعتاده النّاس، وكان صعباً فراقهم لها والانتهاء عن شربها؛ لكونها الملاذ والفخر لشاربها، فقال الله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ).سورة البقرة 219
المرحلة الثّانية: بدأ الإسلام مرحلةً جديدةً باستبدال ما في قلوب النّاس من حبّ الخَمْرِ بحبّ الله –تعالى– وخشيته والتقرّب إليه في الصّلاة، فجاء النّهيُ للنّاس بعدم قُرب الصّلاة في حالة السُّكْر، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)،سورة النساء 43
فانتزع الله –تعالى– من نفوس الكثير من النّاس حبّ الخَمْر، فالتقرّب من خالقِهم أعظم وأسمى في نفوسهم من حُبّ ملذّاتهم و شهواتهم، حتى قال عمر بن الخطّاب –رضي الله عنه– مناجياً ربّه : (اللهمّ بيّن لنا في الخَمْر بياناً شافياً).
المرحلة الثّالثة: جاء تحريم الَمْر في المرحلة الأخيرة، فأمر الله –تعالى–عباده بالتجلّي عمّا يُسفّه عقولهم، ويدفعهم لدنِيّة ذواتهم، وبغض بعضهم البعض، ويصدّهم عن عبادتهم، فما بُعث الإسلام إلّا لرفعتهم، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)،سورة المائدة 90- 91
فانصاعت النّفوس والقلوب لخالقها بالامتثال والتسّليم لأمره.
حرم الله تعالى الخمر علي عدة مراحل وتدريجيا حتي حرمها بالكلية وقطعيا في قوله جل في علاه :” يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ” {المائدة: 90 } وذلك لأن العرب في الجزيرة كانوا مولعين بشربها وكان من الصعب علي شاربها أو مدمنها تركها مرة واحدة، لذلك كان لابد من العمل علي تهيئة النفوس لقبول هذا الأمر شيئا فشيئا، وذلك لأن شرب الخمر يتنافى مع الإدراك والوعي الذي يجب أن يكون عليهما العبد أثناء أداء العبادة والطاعة، وكذلك لما لها من آثار ضارة وخطيرة علي الفرد والمجتمع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها ” الخمر أم الخبائث“، وقال عليه السلام ايضا:” ” الخمر أم الفواحش ، و أكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته “.
الخمر رجس من عمل الشيطان وأحد أدواته التي يستخدمها في صرف الناس وإبعادهم عن عبادة الله، يقول الله سبحانه وتعالى:” إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (المائدة :91).
الحكمة من تحريم الخمر
للخمر العديد من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، فتعاطي الخمور يؤدي إلي ظهور وانتشار الكثير من المشكلات الاجتماعية مثل الاغتصاب والفقر والبطالة والسرقة والعدوانية المفرطة وانهيار الأسرة وتفككها وزنا المحارم الذي يتم تحت تأثير تعاطي الخمر, فضلا عن الآثار السلبية من الناحية النفسية والانفعالية حيث يؤدي تعاطي الخمر الي حدوث ضعف في الذاكرة والإصابة بالاكتئاب وتقلب المزاج وتغير في الشخصية وتدهورها، أما من الناحية الصحية، فتعاطي الخمر يسبب العديد من الأمراض والمشكلات الصحية أهمها ما يلي:
شرب وتعاطي الخمر يسبب الإصابة بأمراض الكبد مثل التهابات الكبد وتشمع الكبد.
يؤدي تعاطي الخمر إلى فقدان المعدة تدريجيا لقدرتها علي العمل بشكل صحيح.
كذلك يؤدي شرب الخمر الي زيادة نبضات القلب وربما فشل القلب.
تعاطي الخمور يزيد من فرص الإصابة بسرطاني الحلق والمريء.
يؤدي تعاطي الخمور علي المدى الطويل إلى ضعف المناعة ومقاومة الأمراض.
الخمر يضعف ويقلل من القدرة على التفكير والكلام.
يصاب مدمني الخمور بوذمة الرئتين الحادة والتي قد تؤدي إلى الوفاة.
هناك علاقة وثيقة بين تعاطي الخمر والإصابة بأمراض السل.
يسبب الخمر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول وسوء التغذية ونقص الشهية للطعام, وهكذا يتبين لنا الحكمة التي من أجلها حرم الله الخمر والمفاسد المترتبة علي شرب الخمر، فالشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد.
عقوبة شارب الخمر
أقر الإسلام عقوبة شارب الخمر وهى الجلد أربعين جلدة ولولي الأمر أن يزيدها ثمانين جلدة تعزيرا، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة الوليد بن عقبة: (جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي)، ولحديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين).
ومن شرب الخمر في الدنيا ولم يتوب إلى الله لن يشربها في الآخرة وإن أدخل الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها، حرمها في الآخرة». متفق عليه.
وكذلك لا تقبل صلاته أربعين يوما، فعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا وإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه ، وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة . قالوا : يا رسول الله ، وما ردغة الخبال ؟ قال : عصارة أهل النار . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
0 تعليقات